تصوير فوتوغرافي

لويزيانا

 

عدت مؤخرا لمسح ( scan ) مئات من النيقاتيف التي التقطتها خلال اقامتي في امريكا للدراسة من عام 2007 لـ 2010 وللمفارقة انني نسيت الكثير منها فقد كنت في اغلب الاحيان اجرب فيلم او كاميرا او اصور لمجرد متعة التصوير، خاصة بكاميرات القطع المتوسط.

هذه الصورة وجدتها مع صور اخرى التقطتها في طريق عودتي من احدى رحلاتي عائدا من ولاية فلوريدا باتجاه مدينة  اوكلاهوما وكنت حينها مسافرا على الطريق السريع 20. وهي بالتأكيد ملتقطة في ولاية لوزيانا ولا ادري هل هذا المكان عبارة عن نهر او بحيرة بالقرب من الطريق السريع ام انني سلكت احد الطرق الريفية كما هي عادتي في كثير من الاحيان حين اسافر برا في امريكا. بكل تأكيد التقطت الصورة في الاسبوع الاول من يناير 2010 بعد ان قضيت رأس السنة في المدينة الصغيرة (Clear Water) على سواحل خليج المكسيك, وبعدها بيومين انطلقت عائدا مرورا بمدينة تلاهاسي وبنما سيتي ثم جاكسون ميسيسيبي. اتذكر انني قضيت ليلة في جاكسون في موتيل صغير وكانت ليلة موحشة، لذا لم اصدق ان تظهر خيوط الشمس الاولى لانطلق تاركا ولاية مسيسيبي البائسة خلفي متجه غربا.
الفيلم الذي استعملته هو ilford HP5 400 وهو فيلم نادرا ما استعمله ولكن كما يبدو لي كنت اجربه مقارنة بافلام الفورد الاخرى. الكاميرا ماميا من القطع المتوسط 645 واذكر انني اشتريتها من اي باي مع عدستين. ويبدو لي من تباين الصورة انني استعملت فلتر برتقالي.
ما احببته في هذه الصورة هو انها تجسد طبيعة ولاية لويزيانا وهي تقريبا اجود صورة التقطتها في اراضيها، ما لم اكتشف لاحقا ان لدي صور اخرى التقطتها هناك و قد نسيتها.

فرانس لانتنق، مصور الحشود

 

عندما بدأ اهتمامي بمتابعة مصوري ناشيونال جيوكرافيك لفتت انتباهي صور فرانس لانتنق للحياة البرية والطبيعة بشكل عام. وهو بلا شك من أفضل مصوري المجلة. بخبرته التي تزيد على ثلاثة عقود انغمس خلالها في الطبيعة بجمالها ومخلوقاتها وتضاريسها المختلفة، ليشكل خلال كل هذه الفترة ارشيفا فاتنا لمخلوقات الله على وجه الارض الساحر بطبيعته وتنوعه وتناغمه.

ليست صور لانتق مجرد توثيق للطبيعة والوانها ومخلوقاتها بل قصائد ضوئية تحتفل بالجمال ومفرداته. تكمن جمالية الصورة وشاعريتها في اقتناص اللحظة التي تحتاج صبرا ودراية ومهارة وعينا ترى الجمال وقلبا محبا وشغوفا واخلاصا للعمل الجاد. ولا غرابة وهو الذي يقول “الطبيعة مصدر الهام وشغفي”.

ما يدهشني في صور لانتنق من ضمن مجموعاته الفوتوغرافية المدهشة هو تصويره لحشود من الطيور والحيوانات تعيش حياتها اليومية وكأن بعضها يقف من اجل كاميراته ومن اجل الصورة الجماعية، وفي احيان لا تضع ادنى اعتبار لوجوده.  في بعض صوره يمتلئ الكادر بالحيوانات والطيور بعفوية وعدم انتظام وعادة بلون طاغي او خطوط او كتل بفوضوية ممتعة. صور الطبيعة مثل صور لانتينق هي تذكير بمقدار الجمال والتناغم الذي خلقه الله والذي لا يحتاج الا عدسة مثل عدسة لانتينق.

http://www.lanting.com

إليان قونزاليس البطل والضحية

من الصور الصحفية التي منحت مصورها جائزة البولتزر، لفئة صور الاخبار العاجلة، هذه الصورة لشرطي امريكي فدرالي اقتحم مع افراد شرطة اخرين من القوات الخاصة بيت أقرباء الطفل الكوبي اليان قونزالس في ميامي في الثاني والعشرين من ابريل ٢٠٠٠م.

الصورة لها أهمية كبيرة، واثارت جدلا وردود فعل شعبية وحكومية ومعارك اعلامية وسياسية.

والقصة المختصرة، أن اليان قونزالس غادر كوبا وهو في السادسة من عمره برفقة والدته وبضعة كوبيين اخرين كمهاجرين غير شرعيين يطمحون للوصول الى ميامي الامريكية. غرق قاربهم، ولم ينج الا الطفل واثنين اخرين لم تكن والدته من ضمنهم! انقذ اثنين من صيادي الاسماك الطفل ومن نجى معه وسلموهم للسلطات الامريكية التي بدورها سلمت الطفل الى اقرباءه الامريكيين من اصول كوبية في ميامي لحين النظر القضائي في قضيتهم كمهاجرين غير شرعيين.

وبدأ جدل شعبي وحكومي امريكي وكوبي ودولي حول الطفل حين طالب والده المقيم في كوبا بأن يعاد طفله إليه في كوبا لانه غادر مع والدته بدون علمه (والدة قونزالس كانت قد غادرت كوبا بطريقة غير شرعية مع صديقها وبدون علم والد قونزالس!). ونظرا لوجود قانون خاص بالمهاجرين الكوبيين لامريكا قد يمنحهم حق الاقامة في امريكا، رفض أقرباء قونزالس في ميامي فكرة إعادته الى كوبا، ولكن حكم المحكمة الفدرالية الامريكية كان يقضي بإعادة الطفل لكوبا. وتدخلت الجالية الكوبية في ميامي برفض حكم المحكمة والتجمهر امام منزل اقرباء الطفل.

لم تجد الحكومة الامريكية بداً من الدخول عنوة الى المنزل لأخذ الطفل واعادته الى والده! وفي هذه الصورة التاريخية التي وثق فيها مصور وكالة الاسوشيتد برس )ألن دياز( مشهدا تاريخيا يظهر Continue reading

 ذات سفر

NWCOblackandwhite

ذات سفر، على حدود كولارادو ونيومكسيكو. كانت هذه العجول ترعى ساكنة في مروج الغرب الامريكي.  كانت الظهيرة ,اغرتني تشكيلات السحب والسماء طوال الطريق لالتقاط صورة، ومع ظهور هذه العجول التي قتلت رتابة المنظر وسكونه، قررت أن أتوقف.

كنت استعمل فلما ابيض واسود. ولان مثل هذه السحب تنادي لفلتر أحمر فقد كان لها ذلك. ولانني نسيت انني اضع مسبقا فلتر استقطاب (بولرايزر) على العدسة فقد كانت النتيجة كما هي الان، تباين قاسي في أجمل حالاته، حتى مع خسارتي لاجزاء من اطراف الصورة نتيجة استعمال فلترين معا على عدسة واسعة.

ذلك العجل الابيض (الجفول)،  جفل اولا، أخاف البقية، فشاركوني أنا والسحب مسار رحلتنا جنوبا باتجاه بلاد التاوز شمال نيومكسيكو..

حياة على الهامش

 

المعرض الفوتوغرافي حياة على الهامش، في حالة عرض الان. والصورة أعلاه من احدى محطات المعرض. لمزيد من التفاصيل حول المعرض تتبع صفحة المعرض على الفيسبوك. ولأنه لا زال مبكرا الحديث بشكل نهائي او سرد او عرض تفاصيل وصور او شكر كل من ساهم وساعد الا انه لزاما أن اشكر الان الفنان الخطاط حسن الرضوان لمساهمته بـ خط عنوان المعرض، وللصديق الكاتب أشرف احسان فقيه مساهتمه ومساعدته في الوصول الى التصور النهائي لعنوان المعرض.. فلهما ولكل الاصدقاء الشكر.

تحديث:

الان صور المعرض على الموقع:

حياة على الهامش

poster a life on the margin 2بوستر المعرض

غلاف مجلة أوتدور فوتوغرافر..القبيح

 december2010 outdoorphotographer

علاقتي مع مجلة اوت دور فوتوغرافر Outdoor Photographer تعود الى عدة سنوات، ربما العام ٢٠٠٢م، حينها تعرفت على عدد من ابطالي في تصوير اللاندسكيب. عرفت ان هناك من يصور بكاميرات القطع الكبير التي يصل حجم فيلمها الى ٢٠ سم X ٢٥ سم، بل وأكبر من ذلك. و أدين لها بالفضل ان قرأت مقالات ولقاءات وإجابات لبعض المصورين المهمين امثال ( فرانس لانتينق، كلايد بوتشر، ستيف ماكوري، وغيرهم كثر ).
ومنذ ان سحرتني المجلة بصور الطبيعة والمقابلات والاختيارات أشتركت فيها من العام ٢٠٠٣م تقريبا وبقيت مشتركا وقارئا ومطلعا دائما سواء وانا في الدمام او في أمريكا. فأنا اذا اعتبر نفسي متابع جيد للمجلة التي كان يشدني فيها في المقام الاول أغلفتها التي عادة ما تنشر صورا ملتقطة بكاميرات فيلمية او من قبل مصورين مهمين حتى ولو كانوا يصورون بالديجيتال مؤخرا. المهم، ان صور الأغلفة عززت من فكر المجلة ورسالتها كمتخصصة في تصوير الطبيعة وتحديدا الصور التي تجسد فكر الممارسة الحقيقية لتصوير الطبيعة حيث انتظار الضوء المناسب واقتناص اللحظة المناسبة والتكوين الساحر. ايضا كان من اكثر اللحظات تشويقا بالنسبة لي ان افتح المجلة على الصفحة التي تخصص لشرح معدات صورة الغلاف وجملة او اثنتين من المصور عن لحظة الالتقاط.
ولكن المجلة في عددها لـ ديسمبر ٢٠١١م. نشرت صورة من اسوء صور الطبيعة واقبحها على الاطلاق. انها لا تصلح حتى ان يختارها موقع فليكر على صفحته الاولى. صورة الغلاف عبارة عن سكراب رقمي فهي Continue reading

صور نجوم تويتر

 

مصلح جميل 2011-09-15 4:47 AM

لا يمنح موقع التواصل الاجتماعي تويتر أكثر من ١٤٠ حرفا للكلام. ولا يسمح إلا بعدد محدود من الكلمات للتعريف عن النفس مع صورة واحدة فقط. لذا تغدو الصورة الشخصية للمغرد مهمة جدا لأنها تضيف للتعريف الشخصي المختصر وترافق كل تغريدة يطلقها. واختيار أي مغرد لصورة تمثله يراد به توصيل رسالة أو انطباع. لأنها -أي الصورة- التمثيل البصري الوحيد الذي يعمل على مدار الساعة، فطبيعة موقع تويتر، تجعله أشبه بالمنبر الحي، الكل في حالة كلام ولكن بصورة شخصية واحدة وثابتة.
ولعل أبرز الظواهر “التويترية” سعوديا هي كثرة الملاحقين لنجوم الإعلام والدين والفن. لذا نتناول في هذه المقالة صور النجوم بالقراءة والتحليل لمحاولة فهم شكل هذا التمثيل والحضور على منبر تويتر. وفي هذه القراءة اخترت مجموعة من السعوديين من إعلاميين ووعاظ وغيرهم. والاختيار يقوم على معايير مختلفة لعل أهمها أعداد الملاحقين أو نشاط المغرد في تويتر أو الإنترنت بشكل عام أو لمجرد أن لديه صورة تستحق أن تقرأ.
المغردون من الوعاظ يبدو أنهم لم يحظوا بتصالح مع الكاميرا. فالشيخ عادل الكلباني الذي أعلن تضجره ورفضه لكاميرا ساهر، يتضح أن لديه إشكالية مع الكاميرا. فصورته الشخصية التي يبدو فيها “متكلفا الابتسامة”، صورة مهزوزة نتيجة بطء غالق الكاميرا أثناء التصوير. كما تشكلت آثار ومضة الفلاش على عيني الشيخ بشكل مزعج. أما الشيخ عائض القرني، فقد تكلف كثيرا في صورته التي تعرضت إلى تنعيم بواسطة التعديل الرقمي لدرجة أفقدت الشيخ بعضا من ملامحه. كما أنه يبدو في الصورة منهمكا يمارس الكتابة مرتديا “مشلحه”. فحين يغرد الشيخ أو حين يقرؤه ملاحقوه، فهو في حالة كتابة! ولعل تلك الصورة تأكيد لمركزه بصفته من أكثر الكتاب مبيعا.
وتأتي صورة الشيخ سلمان العودة أفضل حالا من رفقائه. إلا أن تكوين الصورة جعل الشيخ ينظر في اتجاه ضيق، مما خلق تضادا مع ضحكته، وحركة جسده. في حين عتمت الظلال عيني الشيخ. ولكنها تظل صورة تعبيرية مفعمة بالحركة والفرح. أما الشيخ محمد العريفي، فأثبتت صورته الشخصية نظرية “أن الكاميرا تحب وجوها وتكره وجوها”. ففي صورته المختارة بعناية، يبدو ضاحكا محاطا ببياض “غترته” مع خلفية زرقاء ينظر بعيدا عن مشاهديه. إنها صورة مثالية لنجم! فهو هناك لكي ينظر إليه جمهوره وملاحقوه، صورة مثالية للنجم الديني التلفزيوني المعاصر!
ويشترك مع العريفي في اختيار الخلفية الزرقاء الكاتب خلف الحربي في صورة يصعب ربطها بكتاباته الساخرة. إذ يبدو الحربي في الصورة مصدوما، ينظر خارج إطار الصورة بشيء من اليأس وربما شيء من الحزن.
أما الصحافي والكاتب جمال خاشقجي فقد اختار صورة صحفية له تظهره أثناء حديثه لجمهور ما. ويبدو أنه في حالة جدل مستمر. فزاوية الكاميرا زاوية منخفضة أظهرته أكبر وأقوى وتظهر سبابته التي تحذر جمهوره من شيء ما. ومن تلك الزاوية المنخفضة أيضا يستعمل الكاتب محمد الرطيان صورة غير ملونة تظهره في إحدى حالات فرحه. لتلخص كثيرا من شخصيته وكتاباته الساخرة بالإضافة إلى ذلك، يبدو منطلقا حرا يعزز من ذلك ميلان الصورة الذي أضاف للصورة كثيرا من الديناميكية.
الكاتب عبدالله المغلوث الذي يكتب بلغة مفعمة بالتفاؤل والرومانسية اختار صورة فيها كثير من الجدية. فهي صورة ملتقطة له متحدثا أمام جمهور ما. يضع يديه على منصة الحديث وجسده مائل باتجاه المنصة (المقرأ) ليلخص فلسفته في الإقدام على الحياة.
مذيع قناة الجزيرة والصحفي علي الظفيري اختار صورة متباينة مع تغريداته وشخصيته على شاشة الجزيرة. فهو دائما ما يظهر لجمهوره عبر شاشة الجزيرة في حالة من اليقظة والجدية، صريحا، ومع الحدث. ولكن صورته في تويتر تظهره في أكثر حالاته تأملا وشرودا. ففي الصورة يظهر أمام الظفيري مايكروفون، ولكنه ليس له. فـالظفيري اتخذ زاوية قصية يراقب منها المشهد، كما لو كان في استراحة ليس إلا. أما الإعلاميون الذين اختاروا أسوأ صور لهم، فهم الكاتب ناصر الصرامي بصورة معدلة بالكمبيوتر بشكل مبالغ فيه ليبدو الصرامي أكبر عمرا وأكثر شحوبا. والإعلامي عثمان العمير بصورة ملتقطة له في حشد ما، ليبدو كالمفجوع من الكاميرا والفلاش رغم الابتسامة الضخمة التي لم تخف ارتباكا ما.
أما نجوم برامج اليوتويب، فقد اختاروا صورا لهم تؤكد احتفالهم وافتخارهم وهم يعملون على برامجهم. فالكوميدي فهد البتيري نجم (لا يكثر) يحمل مايكروفونه في حظيرة الأبقار في لقطة من حلقته عن مقاطعة شركات الألبان. بينما محمد بازيد مقدم برنامج (التاسعة إلا ربع) و”صاحب أجمل غترة” كما يقول ساخرا في صفحته، يجلس على كرسي الأخبار في أستوديو التاسعة إلا ربع. أما عمر حسين نجم مسلسل (على الطاير) فقد اختار صورة له وهو واقف يلقي أحد اعتذاراته التي اشتهر بها في مقدمة برنامجه.

المصدر الوطن

جوليا مارجريت كاميرون.. الرومانسية الأولى

 

مصلح جميل 2011-08-18 

في السنين الأولى التي كان يحتفل فيها التصوير الفوتوغرافي بواقعيته ويتباهى المصورون بقدرة كاميراتهم على نسخ الواقع ونقل “الحقيقة” التي لا يمكن للرسم تجسيدها كما تفعل الكاميرا، كانت المصورة الإنجليزية جوليا مارجريت كاميرون تمهد طريقاً جديداً للتصوير، وتؤسس لرؤية مختلفة عن السائد في عصرها. ورغم أنها بدأت التصوير كوسيلة للتسلية في نهاية العقد الخامس من عمرها، بعد ما يقارب خمسة وعشرين سنة من إعلان التصوير (1839) إلا أنها تعتبر أحد أهم الفوتوغرافيات في تاريخ التصوير على عدة مستويات.
ولأنها كانت تعيش في العصر الفكتوري والرومانسي، فقد تأثرت كثيراً بالتوجهات الفنية والأدبية في تلك المرحلة حيث تطغى اللمسة الشاعرية على أغلب صورها. بالإضافة إلى استلهامها التاريخي والديني من شخصيات الأساطير الإغريقية ومن رسومات عصر النهضة ومن الأدب الإنجليزي ومن الشخصيات الإنجيلية. وقد استخدمت كاميرون أفراد عائلتها وخدمها كعارضين لتصويرهم وتجسيد الشخصيات التي تريد تصويرها.
صور كاميرون تميزت بأنها غير حادة، أي صور بتركيز/فوكس ناعم لا يظهر التفاصيل. وحتى لو كانت صورها الأولى غير الحادة نتيجة خطأ غير مقصود في آلية تركيز العدسة إلا أنها أسست لها أسلوباً مغايراً، اعتمدت فيه على التركيز الناعم، بالإضافة إلى أن التعريض الطويل الذي تنتج عنه حركة الموضوع المصور وبالتالي تخلق اهتزازاً يعزز من ضبابية الصورة.
ورغم أن صور كاميرون لم تلاق التقدير الذي تستحقه في وقتها، إلا أنها أحبت ما كانت تقوم به وأخلصت لأسلوبها وعرضته للعامة رغم المعارضة الشديدة والنقد الذي تعرضت له. ففي أحد رسائلها إلى العالم والمصور الإنجليزي هيرتشل تقول عن تجربتها، “ما أقوم به في صوري هو تعظيم للتصوير مع تضميني لشخصية من صوره باستعمال الفن الرفيع بجمع الواقعي والمثالي بدون التضحية بالحقيقة، مع تكريس الشاعري والجمالي”. وفي هذه الصورة التي التقطت قبل 150 عاماً تجسد العارضة هنا شخصية أوفيليا حبيبة هاملت في مسرحية الإنجليزي ويليم شكسبير. حيث يبدو أسلوب كاميرون واضحاً في استعمال التركيز الناعم وتأثير الحركة الذي جعل الصورة بالإضافة إلى ضبابيتها تشبه الحلم أو الصورة المتخيلة، ومع ذلك تبدو ملامح أوفيليا الحزينة واضحة. تبدو شاخصة بعيداً عن العدسة وكأن كاميرون صورت أوفيليا في إحدى أشد لحظات حزنها ووحدتها.
وأبعد من استلهام التاريخي والديني، والرومانسية التي عرفت بها، لقد أسست جوليا مارقريت كاميرون عدة مفاهيم مهمة في تصوير البروتريهات وعبرت بروح شاعرية عن المرأة في عصرها، والأهم من ذلك خروجها عن السائد والواقعي وفتح آفاق جديدة للصورة الفوتوغرافية.

المصدر: الوطن

مجموعة وحـي Revelation

revelation وحي

مجموعة فوتوغرافية تم التقاط صورها في صحراء المنطقة الشرقية في مكان لا تتجاوز مساحته ما يعادل مساحة حي سكني في احد مدنها. المجموعة توثق وتعرض شكل من اشكال علاقة الانسان بالارض. وتتنبأ وتتخيل نهاية تلك العلاقة. تم اضافة صبغة لونية وزيادة التشبع لأغراض فنية تعبيرية.

لمشاهدة باقي صور مجموعة وحي.

سيدو كيتا..صورة واحدة فقط

saydou

مصلح جميل* 2011-08-11 2:05 AM

في استوديو صغير خلف سجن العاصمة المالية باماكو وعلى الطريق المؤدية إلى محطة القطار عمل المصور المالي سيدو كيتا (سعيد ولكن النطق غير العربي يجعله سيدو) بإمكانات متواضعة لما يقارب الخمسين عاما، صور خلالها عدة أجيال من الماليين ليحظى بشهرة محلية جيدة، انتهت حين سرقت معدات تصويره في نهاية السبعينات ليتحول إلى عامل تصليح دراجات وينتقل كنز فني من سلبيات الصور إلى صناديق في غرفة الجلوس في منزله.
في منتصف التسعينات من القرن الماضي بعد أن تقاعد عن التصوير بـ25 سنة، لعب الحظ دورا جوهريا في نقله من المحلية إلى العالمية بعد أن عرضت له ثلاث صور فوتوجرافية في أحد متاحف نيويورك، تحت اسم “مصور غير معروف”.
أدهشت تلك الصور الكثيرين بجودتها مما حدا بأحد الفرنسيين المهتمين بسوق الصورة للسفر إلى مالي للبحث عن الفنان المجهول. وبعد الاتفاق على عرض وتسويق صوره في أوروبا أصبح كيتا في مصاف مشاهير فناني البورتريه في العالم، وأصبحت صوره تعرض في المتاحف في أوروبا وأميركا وتباع النسخة الواحدة بعشرات الآلاف من الدولارات.
كيتا علم نفسه التصوير، بدأ التقاط الصور لزبائنه في الشارع بخلفيات متواضعة وأدوات زينة بسيطة، وفي أحيان كان يشتري دراجات وسيارات مستعملة ليتصور معها زبائنه، وبالإضافة إلى ذلك استعمل جدران الشوارع كخلفيات، وفي أحيان كان يستعمل قماشا كخلفية وفي صور أخرى يستعمل ذات القماش كغطاء لطاولة أو مقعد. والأكثر طرافة أنه استعمل في بداياته “ملاءة” سرير نومه كخلفية في بعض صوره، ومع ذلك، كان مطلوبا ليصور طبقات المجتمع المالي من عمال وحرفيين وبرجوازيين ومسؤولين، كوّن من خلالها أرشيفا بصريا لا يقدر بثمن للآلاف من الماليين الذين يعيشون في تلك الفترة تحت الاحتلال الفرنسي وكانوا يطمحون لشكل من الحياة المدنية الحديثة عبر تجسيد كيتا لهم، متأنقين ومرتدين ثيابا وإكسسوارات حديثة.
أرشيف كيتا أضاف لفن البورتريه فنانا فريدا في أسلوبه، وصورا ذات قيم جمالية وثقافية عالية. ولعل أبرز ما يميز صوره هو أسلوبه في توجيه زبائنه ليقفوا أمام الكاميرا، فقد كان يردد عليهم حين يطلب منهم الوقوف بطريقة معينة، “إنك تبدو جميلا بهذا الشكل”. ولم يكن أمامهم إلا الموافقة على قراراته كمصور إذ لم يكن يلتقط في أغلب الأحيان إلا صورة واحدة لكل زبون نظرا لقلة إمكاناته وإمكانات زبائنه.
وكما صرح لاحقا عن سر جماليات صوره “من السهل التقاط صورة ولكن ما يصنع الفرق أنني كنت أعرف دائما كيف أجد الوضعية المناسبة للشخص الذي أصوره ولم أكن أبدا مخطئا، يتم توجيه رؤوس من أصورهم بحركة بسيطة، وأياديهم توضع بطريقة معينة، كنت قادرا على أن أجعل أي شخص يبدو رائعا، صوري كانت دائما جيدة، لذلك أقول: هكذا هو الفن الحقيقي”.
ليس سر جمال صور كيتا في كيفية تصوير زبائنه فقط، بل في أصالة الصور التي وثقت الماليين بشكل مختلف عن النظرة النمطية التي يصورها أو يرسمها المستعمر الأجنبي لـ”الإنسان الأفريقي”، فالماليون في صور كيتا “مليئون بالحياة، يعيشون حياة مدنية وواثقون بأنفسهم”. وفي أغلب صوره، يبدو كما لو أن الناس مروا بالصدفة من أمام كاميرته غير متكلفين وكأن الوقوف أمام كاميرا كيتا لم يكن إلا أمرا عابرا ضمن برامج حياتهم اليومية التي قد تكون زيارة لحبيبة أو ذهابا إلى العمل أو حتى انتظارا على كرسي في شارع ما.
ونرى في صورة الشاب الذي يحمل الوردة، والفتاة الجالسة على الكرسي أكثر الأمثلة على فن كيتا في تكييف زبائنه أمام الكاميرا، فيد الشاب اليسرى تأخذنا باتجاه الوردة المنتصبة بأناقة باتجاه السماء، بينما الفتاة الجالسة تجبرنا حركة يديها أن نظل معها في حالة انتظار في دوامة بصرية من الذراع إلى الكف إلى اليد الأخرى ثم الرأس والعودة في ذات المسار.
أثبتت أغلب صور كيتا حسه العالي تجاه التكوين والتباين والتأطير ممثلة في استعماله لخلفيات بسيطة ولكنه يخترع في كل مرة صورة جديدة وفريدة. لقد استطاع أن ينتج صورا في غاية الجمال والحميمية، وأن يوثق حياة سكان مدينة باماكو بطريقة لم يحظ بها أي من المجتمعات الأفريقية المماثلة.
* كاتب ومصور سعودي

مصدر الصور: موقع سيدوكيتا

المصدر: الوطن

لقراءة الموضوع بصيغة PDF