Month: يوليو 2011

“البركة – ضوء القمر” لإدوارد ستايتكن

edward steichen

مصلح جميل** كاتب وفوتوجرافي سعودي 2011-07-28 4:46 AM


أكثر من مائة عام مرت منذ طبع الفنان الأميركي إدوارد ستايتكن صورته الفوتوجرافية “البركة – ضوء القمر” (1904) ولا تزال هذه الصورة تحتفظ بمكانتها الرفيعة والتاريخية في مسيرة الفن الفوتوجرافي. والمكانة والأهمية التي نالتها هذه الصورة تشكلت لعدة أسباب فكرية وفنية وتاريخية.
ستايتكن على المستوى الفني هو أحد عرابي الحداثة الفوتوجرافية في مطلع القرن العشرين والتي سميت بالتصويرية (البكتوريليزم). والتصويريون هم أحد نتاج الحداثة التي أثرت على كل أشكال الفنون في تلك المرحلة. ولا غرابة أن يكون ستايتكن ممارساً ومنظراً لهذه الحركة؛ حيث يعتبر من الأميركيين الذين عاشوا في باريس وعاصروا أهم رواد الحداثة من الرسامين أمثال سيزان وبيكاسو، والأهم من ذلك لقاؤه وشراكته مع صديقه الفوتوجرافي ألفريد ستيقلتز.
صورة ستايتكن التي التقطها في نيويورك تعتبر صورة أيقونية لتلك المرحلة الغنية من تاريخ التصوير الفوتوجرافي، وهي أحد أهم بقايا مرحلة الحداثة في التصوير الضوئي، حين بدأ مجموعة من المصورين في أميركا وأوروبا بمحاولة تخليص التصوير الضوئي من واقعيته التي لا ترتقي به ليكون فناً كما كانوا يعتقدون. وبعد بضعة عقود من ولادتها اندثرت حركة التصويريين، ولكن صورة ستايتكن احتفظت بمكانتها كإحدى أهم الصور في تلك الحركة الفنية. بالإضافة إلى أنها من أوائل الصور الملونة التي أنتجت في تاريخ التصوير الضوئي، وطبعها ستايتكن بطريقة الطباعة بالصمغ، وهي طريقة معقدة وقد تستغرق أياماً بنتائج غير مضمونة.
وفي هذه الصورة التي تبدو بألوان باهتة وبملمس خشن أقرب إلى اللوحة التشكيلية منه إلى الصورة الفوتوجرافية، قد تبدو صورة أقل من عادية خاصة مع تعود العين المعاصرة على نتاج الكاميرات الرقمية الحادة والمشبعة بالألوان، ولكن هذه التأثيرات كانت المطلوبة كما اعتقد ستايتكن ورفقاؤه لترتقي الصورة إلى مستوى الرسم. ومما يميز هذه الصورة هو شاعريتها حيث تبدو بركة محاطة بالكثير من الأشجار، ويظهر القمر فوق خط الأفق بين فرجة جذوع الأشجار منعكساً ضوؤه على البركة. ورغم أن ستايتكن عاش ما يقارب السبعين عاماً بعد طباعته لهذه الصورة إلا أنه لا يوجد منها إلا ثلاث نسخ، بيعت إحداها قبل بضعة أعوام بثلاثة ملايين دولار أميركي، وهو رقم قياسي في تاريخ فن التصوير الضوئي.
هذه الصورة رغم أهميتها بالنسبة لمصورها ستايتكن إلا أنها ليست إلا مجرد إحدى أهم إنجازاته الفوتوجرافية، حيث قدم الكثير من الأعمال ورعى كثيراً من المعارض، وساهم في تشجيع وتقديم عدة مصورين في النصف الأول من القرن الماضي، وتظل صورة “البركة – ضوء القمر” شاهداً ونتاجاً لمرحلة فكرية وفنية مهمة.

جريدة الوطن

الصورة لـ edward steichen

فيلم “شك”.. تأمل في قيمة الشك

doubt

مصلح جميل 2011-07-28 4:44 AM

يتحاشى الناس الشك لأنه ألم ونقيض لليقين، ولكن مخرج وكاتب فيلم الأميركي شك “جون باتريك شانلي” يقول “اليقين يشبه الباب المغلق، إنه نهاية للحوار”.
ومع ذلك فإن الفيلم يصور بشكل صريح عذاب الإنسان مع حالة الشك، إلا إنه بطريقة غير مباشرة يقدمه كقيمة إنسانية مهمة، وحالة نفسية وشعورية قد لا تقل أهمية عن اليقين.
ويتخذ فيلم شك حياة مدرسة دينية كاثوليكية في البرونكس في نيويورك في ستينات القرن الماضي مسرحا لأحداثه، ومن جانب آخر يقدم قراءة عامة للحياة الاجتماعية الأميركية في تلك الفترة ولكن قيمة الفيلم الحقيقة تكمن في أنه يتناول الحالة الإنسانية نفسيا وفلسفيا من منظور أشمل. وما بين الكنيسة والمدرس التابعة لها ينطلق الفيلم لتجسيد صراعات أبطاله الذين يجسدون على المستوى الفردي حالات متباينة من الرغبة في والحاجة إلى التغيير والتقدم والإصرار على التعاطف كمبدأ للتعامل مع الآخرين “الأب والخطيب فيلين، يلعب دوره فيليب سايمور هوفمان”، وبين النظرة الكلاسيكية التقليدية المتشددة للحياة والدين “الأخت الويوس تلعب دورها ميريل ستريب”.
وبين الطرفين من يقع في المنتصف في منطقة التباس غير قادر على تحديد إلى أي طرف يميل (الأخت جيمس وتلعب دورها أمي آدمز).
الفيلم في تصويره للحياة الدينية والتعليمية في تلك الفترة من عمر أميركا، يلامس كثيرا من القضايا الاجتماعية الأميركية الخاصة. فالطفل الأسود الوحيد في المدرسة هو إشارة إلى مرحلة نهاية الفصل العنصري في الحياة العامة الأميركية، وهو أيضا سبب للخلاف بين الأخت والأب حين تبدأ شكوك الأخت من وجود علاقة بين الأب (فيلين) وبين الطفل. ولا يفوت مخرج العمل فرصة توظيف حادثة اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي، لتصوير مشاعر الكاثوليك الأميركيين حيث يقول الأب (فيلين) في خطبته أن تلك الحادثة أفقدت الكثيرين الأمل. وهذا التوظيف الصغير والذكي لحدث هكذا بالنسبة لمجموعة من الكاثوليك في شارع في البرونكس في نيويورك تجاه ابنهم كينيدي الذي يعتبر أول رئيس كاثوليكي لأمريكا.
رغم خصوصية المرحلة والمكان التي تجري فيها أحداث الفيلم إلا أنه يقدم قراءة نفسية عميقة للإنسان والشك. ففي خطبة الأب (فيلين) يقترح أن الشك فعل إنساني يحدث في كل مكان وزمان. ويختم خطبته أمام طلاب المدرسة وحضور الكنيسة بعبارة تؤسس وتلخص ما سيحاول الفيلم أن يطرحه “الشك يمكن أن يكون ضمانا ومؤثرا مثل اليقين”.
ومن المشاهد الأولى للفيلم تقدم لنا الأخت (آلويوس) مديرة المدرسة، في حالة من الصرامة والتشدد تقودها إلى الشك ثم إلى مزيد من الشكوك التي لا يصرح الفيلم عن أسبابها بشكل مباشر. هل هي شكوك نتاج خوف من التغيير والتقدم الذي يجسده الأب (فيلين)؟ أم شكوك مصدرها إيمانها بأنها بأسلوبها المتشدد الملاذ الوحيد والأمن للطلاب؟ أو هو شك مصدره يقين لا يستند على دليل؟ وهذا الشك الذي يسيطر على الأخت (آلويوس) يصبح وسيلة لفتح الأبواب المغلقة ومساءلة المسلم به. ففي حوار الأخت (آلويوس) مع الأب (فيلين) حين يبلغها بأنها لا تملك الحق للخروج من الكنيسة أو مقابلة من هو أعلى منها في الكنيسة وأنها ملزمة بأنظمة الكنيسة الكاثوليكية التي تضعها كأخت في أسفل هرم المناصب، تصرخ “سأخرج من الكنيسة إذا كان ذلك ما يجب القيام به حتى يغلق الباب خلفي”. وهنا يتجسد كيف يقود الشك الإنسان على الخروج والرفض ويفتح بابا للحوار ويكون سبيلا للبحث عن شكل آخر من اليقين والحقيقة. وربما هنا تكمن فلسفة مخرج وكاتب العمل حول الشك بصفته حالة ضد السكون والاستسلام. ومع أن الفيلم لا يثبت أو ينفي بشكل مباشر حقيقة واقعة العلاقة بين الأب (فيلين) والطالب، وهذا ما قد يكون إشارة إلى ما عانته الكنيسة الكاثوليكية من فضائح تحرشات جنسية، إلا أن الثيمة الرئيسية للفيلم التي تداولها في أغلب الحوارات والمشاهد تبقى أكبر من ذلك، إنها لعبة الشك واليقين، ومن يقود إلى الأخر، وأيهما أكثر قوة وأهمية وكيف قد يصبح الإنسان أسيرا للشك أو أسيرا لليقين.

جريدة الوطن.

مصدر الصورة: Miramax Films

حقوق الصورة يا معالي الوزير..مرة أخرى

صورة لـ ريان العسيري استعملت من قبل صحيفة سبق

حقوق الصورة يا معالي الوزير مرة أخرى

عن طريق موقع تويتر عرفت بقضية (ريان العسيري) ضد صحيفة سبق. حيث نشرت الصحيفة الالكترونيةالمرخصة من قبل وزارة الثقافة والإعلامصورة التقطها ريان لسيارات أمانة جدة تنقل عمال نظافة بطريقة مخالفة وغير إنسانية. عرفت لان ريان صديق مشترك مع صديق في توتير وشاهدت تغريدة له تروج لقضيته ضد سبق. صحيفة سبق لم تستعمل الصورة فقط عن طريق نشرها في خبر صحفي، بل ادعت أن الصورة التقطت او كما قالت الصحيفة “رصدت”  بـ عدسة سبق!

هذه الحادثة مهمة لعدة أسباب، منها أنها امتداد لقضايا مشابهة تحدث في الصحافة المحلية بشكل كبير ولأنهاأي قضية استعمال الصحف الالكترونية لصور بدون دفع مقابل مادي وأدبيقضية معاصرة ويومية. ولان قضايا حقوق الصورة في المملكة أمرمطنشبشكل كبير على المستوى القانوني والمهني. وهذا يعيدني إلى سلسلة المقالات التي كتبتها حول هذا الموضوع وتحديدا المقال الموجهة لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه، ونشر في صحيفة الوطن بـ تاريخ ٢٠ يوليو ٢٠١٠.

انتهاكات الصحف الالكترونية والمدونات السعودية لحقوق الصورة عن طريق استعمال الصور بدون ذكر مصدر الصورة أو مصورها أو دفع مقابل مادي سببه الأول أن الصحيفة الالكترونية لا تحتاج إلى الصورةأي صورةبحجم كبير حتى تكون صالحة للطباعة. فأي صورة موجودة حتى بمقاس يصل إلى عشرات البكسلات تصلح للنشر الكترونيا. أيضا الانترنت سهل عملية البحث والحصول على الصور. أيضا الكثير من الهواة والمحترفين ينشرون صورهم على الانترنت من اجل المشاركة مع الأصدقاء او من خلال مواقعهم الشخصية. ومن المهم إعادة التذكير أن التصوير الصحفي واستعمال الصورة الصحفية يفترض به أن يكون مرهونا بمعايير أخلاقية ومهنية عالية. فإذا كانت الصحيفة التي يفترض بها أن تنقل الحقيقة تسرق صورا وتنشرها بدون معايير أخلاقية ومهنية فكيف يمكن تصديقها كمصدر للحقيقة!

وفي مقالي الموجه إلى معالي الوزير قلت بالحرف الواحد:

خامسا: مع انتشار ظاهرة الصحافة السعودية الإلكترونية انتشر معها الاستعمال غير القانوني للصور الصحفية بشكل أكبر وأخطر مما هو موجود في بعض أشكال الصحافة المطبوعة. ويمكن للوزير أن يطرح سؤالا واحدا أمام كل من يرغب من مؤسسي الصحف الإلكترونية بالحصول على ترخيص رسمي عن مصدر الصور التي تنشر في صحفهم الإلكترونية؟ أو بزيارة سريعة إلى أغلب الصحف الإلكترونية نجد آلاف الصور تنشر بدون أسماء مصوريها بالإضافة إلى استعمال صور مصوري صحف أو هواة ومحترفين بدون مقابل مادي أو أدبي.

ومن ضمن الحلول التي طرحتها:

عدم السماح بترخيص أي صحيفة إلكترونية بدون أن يتم التأكد من مدى نظامية آلية جمعها للصور، وارتباطها بوكالات صور مرخصة، وإثبات وجود مصورين صحفيين تابعين لها.

وبالإضافة إلى عدم وجود قانون واضح وصريح، فان أسبابا أخرى تساهم في وجود هذه الممارسات الـ لا قانونية ولا أخلاقية. ولن أعيد ما قلته في سلسلة المقالات التي نشرت في هذا الشأن سواء في الصحافة أو في هذه المدونة أو المحاضرات التي ألقيتها، إنما تلخيصا وتذكيرا فأن لدينا مشكلة مهنية في التصوير الصحفي من تدريس وتدريب وممارسة. وفي محاضرتي الأخيرة التي أقامها نادي فوتوغرافيين الشرق الأوسط بالنادي الأدبي بالرياض الشهر الماضي (يونيو ٢٠١١م)  تطرقت إلى بعض الإشكاليات وأوضحتها بالأمثلة، ولعل أكثرها طرافة وبؤسا، أن لي صورا تستعمل بدون موافقتي وبدون مقابل مادي أو أدبي وعرضت على الحضور عشرات المواقع التي تنشر احد صوري ومنها (سبق، العربية، إيلاف، لجينيات، ومواقع إخبارية محلية وعربية ومدونات، بالإضافة إلى عدة مواقع لشركات تجارية، وحتى موقع جامعة الإمام محمد بن سعود الالكتروني!!)

ريان لم يكن أول من يشتكي و لن يكون الاخير، وسبق كذلك ليست الوحيدة ولن تكون الاخيرة من منتهكي حقوق الصورة، ولكن.. شكرا ريان أن تقدمت بشكوى رسمية وتواصلت مع الصحيفة، شكرا لسبق لأنها اعتذرت سواء بقوة القانون أو من دافع أخلاقي ومهني ولو انه كان يجب أن يعلن عن ما تم اتخاذه من إجراء تجاه من سرق الصورة ومن نشرها. شكرا للوزارة أن بدأت تحقيقا في الشكوى ولكن المشكلة قائمة ومتفاقمة، ولن تنتهي إلا بادراك خطورة الوضع والبدء عمليا في تصحيح وتطوير وتحديث القوانين وتدريب وتأهيل وتعليم المصورين ورؤساء التحرير أخلاقيات العمل الصحفي الفوتوغرافي وقوانينه.

مواضيع ذات صلة:

حقوق الصورة. سلسلة مقالات نشرت في صحيفة الوطن.

الحدود الرمادية للملكية الفكرية. مجلة القافلة.

تغطية صحفية لمحاضرة الصورة الصحفية. الحياة.

الصورة المرافقة للموضوع من موقع صحيفة سبق وتظهر الصورة المعنية مرفقة مع خبر سبق.