Month: أغسطس 2011

جوليا مارجريت كاميرون.. الرومانسية الأولى

 

مصلح جميل 2011-08-18 

في السنين الأولى التي كان يحتفل فيها التصوير الفوتوغرافي بواقعيته ويتباهى المصورون بقدرة كاميراتهم على نسخ الواقع ونقل “الحقيقة” التي لا يمكن للرسم تجسيدها كما تفعل الكاميرا، كانت المصورة الإنجليزية جوليا مارجريت كاميرون تمهد طريقاً جديداً للتصوير، وتؤسس لرؤية مختلفة عن السائد في عصرها. ورغم أنها بدأت التصوير كوسيلة للتسلية في نهاية العقد الخامس من عمرها، بعد ما يقارب خمسة وعشرين سنة من إعلان التصوير (1839) إلا أنها تعتبر أحد أهم الفوتوغرافيات في تاريخ التصوير على عدة مستويات.
ولأنها كانت تعيش في العصر الفكتوري والرومانسي، فقد تأثرت كثيراً بالتوجهات الفنية والأدبية في تلك المرحلة حيث تطغى اللمسة الشاعرية على أغلب صورها. بالإضافة إلى استلهامها التاريخي والديني من شخصيات الأساطير الإغريقية ومن رسومات عصر النهضة ومن الأدب الإنجليزي ومن الشخصيات الإنجيلية. وقد استخدمت كاميرون أفراد عائلتها وخدمها كعارضين لتصويرهم وتجسيد الشخصيات التي تريد تصويرها.
صور كاميرون تميزت بأنها غير حادة، أي صور بتركيز/فوكس ناعم لا يظهر التفاصيل. وحتى لو كانت صورها الأولى غير الحادة نتيجة خطأ غير مقصود في آلية تركيز العدسة إلا أنها أسست لها أسلوباً مغايراً، اعتمدت فيه على التركيز الناعم، بالإضافة إلى أن التعريض الطويل الذي تنتج عنه حركة الموضوع المصور وبالتالي تخلق اهتزازاً يعزز من ضبابية الصورة.
ورغم أن صور كاميرون لم تلاق التقدير الذي تستحقه في وقتها، إلا أنها أحبت ما كانت تقوم به وأخلصت لأسلوبها وعرضته للعامة رغم المعارضة الشديدة والنقد الذي تعرضت له. ففي أحد رسائلها إلى العالم والمصور الإنجليزي هيرتشل تقول عن تجربتها، “ما أقوم به في صوري هو تعظيم للتصوير مع تضميني لشخصية من صوره باستعمال الفن الرفيع بجمع الواقعي والمثالي بدون التضحية بالحقيقة، مع تكريس الشاعري والجمالي”. وفي هذه الصورة التي التقطت قبل 150 عاماً تجسد العارضة هنا شخصية أوفيليا حبيبة هاملت في مسرحية الإنجليزي ويليم شكسبير. حيث يبدو أسلوب كاميرون واضحاً في استعمال التركيز الناعم وتأثير الحركة الذي جعل الصورة بالإضافة إلى ضبابيتها تشبه الحلم أو الصورة المتخيلة، ومع ذلك تبدو ملامح أوفيليا الحزينة واضحة. تبدو شاخصة بعيداً عن العدسة وكأن كاميرون صورت أوفيليا في إحدى أشد لحظات حزنها ووحدتها.
وأبعد من استلهام التاريخي والديني، والرومانسية التي عرفت بها، لقد أسست جوليا مارقريت كاميرون عدة مفاهيم مهمة في تصوير البروتريهات وعبرت بروح شاعرية عن المرأة في عصرها، والأهم من ذلك خروجها عن السائد والواقعي وفتح آفاق جديدة للصورة الفوتوغرافية.

المصدر: الوطن

مجموعة وحـي Revelation

revelation وحي

مجموعة فوتوغرافية تم التقاط صورها في صحراء المنطقة الشرقية في مكان لا تتجاوز مساحته ما يعادل مساحة حي سكني في احد مدنها. المجموعة توثق وتعرض شكل من اشكال علاقة الانسان بالارض. وتتنبأ وتتخيل نهاية تلك العلاقة. تم اضافة صبغة لونية وزيادة التشبع لأغراض فنية تعبيرية.

لمشاهدة باقي صور مجموعة وحي.

سيدو كيتا..صورة واحدة فقط

saydou

مصلح جميل* 2011-08-11 2:05 AM

في استوديو صغير خلف سجن العاصمة المالية باماكو وعلى الطريق المؤدية إلى محطة القطار عمل المصور المالي سيدو كيتا (سعيد ولكن النطق غير العربي يجعله سيدو) بإمكانات متواضعة لما يقارب الخمسين عاما، صور خلالها عدة أجيال من الماليين ليحظى بشهرة محلية جيدة، انتهت حين سرقت معدات تصويره في نهاية السبعينات ليتحول إلى عامل تصليح دراجات وينتقل كنز فني من سلبيات الصور إلى صناديق في غرفة الجلوس في منزله.
في منتصف التسعينات من القرن الماضي بعد أن تقاعد عن التصوير بـ25 سنة، لعب الحظ دورا جوهريا في نقله من المحلية إلى العالمية بعد أن عرضت له ثلاث صور فوتوجرافية في أحد متاحف نيويورك، تحت اسم “مصور غير معروف”.
أدهشت تلك الصور الكثيرين بجودتها مما حدا بأحد الفرنسيين المهتمين بسوق الصورة للسفر إلى مالي للبحث عن الفنان المجهول. وبعد الاتفاق على عرض وتسويق صوره في أوروبا أصبح كيتا في مصاف مشاهير فناني البورتريه في العالم، وأصبحت صوره تعرض في المتاحف في أوروبا وأميركا وتباع النسخة الواحدة بعشرات الآلاف من الدولارات.
كيتا علم نفسه التصوير، بدأ التقاط الصور لزبائنه في الشارع بخلفيات متواضعة وأدوات زينة بسيطة، وفي أحيان كان يشتري دراجات وسيارات مستعملة ليتصور معها زبائنه، وبالإضافة إلى ذلك استعمل جدران الشوارع كخلفيات، وفي أحيان كان يستعمل قماشا كخلفية وفي صور أخرى يستعمل ذات القماش كغطاء لطاولة أو مقعد. والأكثر طرافة أنه استعمل في بداياته “ملاءة” سرير نومه كخلفية في بعض صوره، ومع ذلك، كان مطلوبا ليصور طبقات المجتمع المالي من عمال وحرفيين وبرجوازيين ومسؤولين، كوّن من خلالها أرشيفا بصريا لا يقدر بثمن للآلاف من الماليين الذين يعيشون في تلك الفترة تحت الاحتلال الفرنسي وكانوا يطمحون لشكل من الحياة المدنية الحديثة عبر تجسيد كيتا لهم، متأنقين ومرتدين ثيابا وإكسسوارات حديثة.
أرشيف كيتا أضاف لفن البورتريه فنانا فريدا في أسلوبه، وصورا ذات قيم جمالية وثقافية عالية. ولعل أبرز ما يميز صوره هو أسلوبه في توجيه زبائنه ليقفوا أمام الكاميرا، فقد كان يردد عليهم حين يطلب منهم الوقوف بطريقة معينة، “إنك تبدو جميلا بهذا الشكل”. ولم يكن أمامهم إلا الموافقة على قراراته كمصور إذ لم يكن يلتقط في أغلب الأحيان إلا صورة واحدة لكل زبون نظرا لقلة إمكاناته وإمكانات زبائنه.
وكما صرح لاحقا عن سر جماليات صوره “من السهل التقاط صورة ولكن ما يصنع الفرق أنني كنت أعرف دائما كيف أجد الوضعية المناسبة للشخص الذي أصوره ولم أكن أبدا مخطئا، يتم توجيه رؤوس من أصورهم بحركة بسيطة، وأياديهم توضع بطريقة معينة، كنت قادرا على أن أجعل أي شخص يبدو رائعا، صوري كانت دائما جيدة، لذلك أقول: هكذا هو الفن الحقيقي”.
ليس سر جمال صور كيتا في كيفية تصوير زبائنه فقط، بل في أصالة الصور التي وثقت الماليين بشكل مختلف عن النظرة النمطية التي يصورها أو يرسمها المستعمر الأجنبي لـ”الإنسان الأفريقي”، فالماليون في صور كيتا “مليئون بالحياة، يعيشون حياة مدنية وواثقون بأنفسهم”. وفي أغلب صوره، يبدو كما لو أن الناس مروا بالصدفة من أمام كاميرته غير متكلفين وكأن الوقوف أمام كاميرا كيتا لم يكن إلا أمرا عابرا ضمن برامج حياتهم اليومية التي قد تكون زيارة لحبيبة أو ذهابا إلى العمل أو حتى انتظارا على كرسي في شارع ما.
ونرى في صورة الشاب الذي يحمل الوردة، والفتاة الجالسة على الكرسي أكثر الأمثلة على فن كيتا في تكييف زبائنه أمام الكاميرا، فيد الشاب اليسرى تأخذنا باتجاه الوردة المنتصبة بأناقة باتجاه السماء، بينما الفتاة الجالسة تجبرنا حركة يديها أن نظل معها في حالة انتظار في دوامة بصرية من الذراع إلى الكف إلى اليد الأخرى ثم الرأس والعودة في ذات المسار.
أثبتت أغلب صور كيتا حسه العالي تجاه التكوين والتباين والتأطير ممثلة في استعماله لخلفيات بسيطة ولكنه يخترع في كل مرة صورة جديدة وفريدة. لقد استطاع أن ينتج صورا في غاية الجمال والحميمية، وأن يوثق حياة سكان مدينة باماكو بطريقة لم يحظ بها أي من المجتمعات الأفريقية المماثلة.
* كاتب ومصور سعودي

مصدر الصور: موقع سيدوكيتا

المصدر: الوطن

لقراءة الموضوع بصيغة PDF

روبرت كابا..التقاط لحظة الموت

robert capa

مصلح جميل* 2011-08-04 1:54 AM

“إذا لم تكن صورك جيدة بما يكفي، فإنك لم تكن قريبا بما فيه الكفاية”. هذه العبارة هي إحدى أهم العبارات التي قالها المصور الصحفي المجري (الأميركي لاحقا) روبرت كابا الذي عاش حياته الصحفية ملتزما بهذه العبارة في تغطيته للحروب والصراعات. ورغم حياته القصيرة، التقطت كابا عددا من الصور الأيقونية التي لا تزال محل اهتمام ودراسة حتى اليوم. ولعل أهمها ما عرف بصورة (الجندي الموالي لحظة الموت) والتي التقطها لجندي مجهول من المحاربين ضد حكومة الحاكم الإسباني فرانسيسكو فرانكو عام ١٩٣٦. ويظهر الجندي متراجعا وفي حالة سقوط في ذات اللحظة التي أصابته طلقة نارية في منطقة قرطبة الإسبانية. وتعتبر هذه اللقطة إحدى أهم صور الحرب في القرن العشرين، كما أنها أصبحت أيقونة الحرب الأهلية الإسبانية ومن أهم الوسائل التي جعلت الكثيرين يتعاطفون مع الثوار ضد حكم فرانكو في تلك المرحلة.
حين نشرت الصورة في حينها في عدة مجلات أوروبية وأميركية طُرح الكثير من الأسئلة عن مدى مصداقية الصورة، وهل مُسرحت أم إنها حقيقية. ثم طرحت أسئلة عن هوية الجندي المقتول ومكان التقاط الصورة، ومؤخرا نشرت النيويورك تايمز تقريرا لباحث إسباني يقول إن الصورة التقطت في مكان آخر ليس كما ذكر كابا في شرح الصورة. وكل هذه الأسئلة والنقاشات حول الصور زادتها أهمية وشهرة. وفي الجانب المقابل، طرحت عدة نظريات ودراسات تثبت أن اللقطة أصيلة وتستحق كل ما حصدته من اهتمام. مع ذلك تظل هذه الصورة مؤثرة ومباشرة لمن يشاهدها دون أن يدرك كل الجدل الدائر حول مصداقيتها من عدمه، ففيها يتضح للمتفرج لحظة من حياة إنسان يبدو فيها بين الحياة والموت.
وبالإضافة إلى صورة الجندي الإسباني، التقط كابا الكثير من صور الحروب، أهمها صورة لجنود الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على شاطئ أوماها أو ما يعرف بـ (إنزال الجيوش في النورماندي). ولأن كابا كان المصور الوحيد مع الموج الأول من الجيوش فقد أصبحت صوره القليلة التي سجلت تلك اللحظة من أهم التوثيقات البصرية لتلك اللحظة وأصبحت مرجعا لكثير من الدراسات والأفلام السينمائية التي تتناول تلك المعركة.
صور كابا بمجملها تقرأ بشكل عام على أنها تمثل موقفه ووسيلته، “لشجب الحروب ومناصرته للحرية”. وأسلوبه في التصوير الذي أسس لنظرية الاقتراب من الموضوع. وهذا المبدأ الذي أمن به كابا، الاقتراب من الموضوع، ربما كان السبب الذي أدى إلى مصرعه حين كان يقوم بتغطية الصراع الدائر في فيتنام ليتوغل أكثر في ساحة المعركة من أجل الحصول على صورة جيدة، حينها وطئ لغما أرضيا لتنتهي حياة واحد من أهم مصوري الحرب في القرن العشرين.
* كاتب ومصور سعودي

الصورة: من تصوير روبرت كابا photo by Robert Capa

فيلم القيامة الآن

apoclypse now

مصلح جميل 2011-08-04 1:53 AM

فيلم القيامة الآن ليس فيلماً عن حرب فيتنام، إنه فيتنام”. هكذا وصف المخرج فرانسيس فورد كوبلا فيلمه القيامة الآن في مؤتمر حول الفيلم خلال عرضه في مهرجان كان السينمائي 1979.
وأضاف مبرراً ذلك، “كان جنوناً، والطريقة التي صنعناه به تشبه الطريقة التي كان عليها الأميركيين في فيتنام، كنا في الغابات، كان هناك الكثير من العاملين في الفيلم، كان لدينا الكثير من المال، الكثير من الأجهزة، ومع الوقت أصبنا بالجنون”.
تلخص هذه العبارة الطريقة التي صنع به الفيلم والجهد الذي بذل لدرجة الجنون والانهيار، إذ أخذ الفيلم منذ بدء تصويره حتى تم عرضه ما يقارب الأربع سنوات، أصيب البطل خلالها بنوبة قلبية وأدمن بعض الطاقم على المخدرات، ودمر الإعصار مكان التصوير وكانت الحرب تدور على بعد أميال من مواقع التصوير. خلال الأربع السنوات تم تصوير ما يزيد على 200 ساعة ليستخلص منها ساعتين ونصف المدة النهائية للفيلم. تصريح كوبلا ربما اعتبر على أنه تبرير عن سوء تخطيط إنتاج الفيلم، إلا أنه كان فيلماً جديراً بكل ذلك الوقت والجهد، إذ يصنف من أهم أفلام الحرب في تاريخ السينما.
فيلم القيامة الآن، يطرح حرب فيتنام من خلال الحالات الفردية لاثنين من الجنود الأميركيين: النقيب بنيامين ويلارد ويلعب دوره (مارتين شين)، المرسول في مهمة لقتل العقيد والتر كورتز (مارلن براندو) الذي يعيش في عالمه الخاص في ما يشبه المعبد في أدغال أعالي النهر في كمبوديا بين مجموعة من السكان المحليين، بعد أن انشق عن الجيش الأميركي ليشن حروبه ويمارس القتل بطريقته الخاصة ليصبح حالة متقدمة من الجنون تستدعي التصفية حسب ما يراها قادة الجيش.
ومن منظور آخر، فالفيلم يصور الحالة النفسية للجيش الأميركي من حالات انتحار وجنون وخوف ومؤامرات. وفي رحلة ويلارد إلى أعلى النهر، إلى كمبوديا، للوصول إلى مقر كورتز، يرى المشاهد الحرب الأميركية الفيتنامية عبارة عن انفلات قانوني وأخلاقي وسلسلة من الأحداث المرعبة. ولعل أهم ما عزز من قوة الفيلم التعبيرية لموضوع كهذا يتناول الحالة النفسية للإنسان هو الصورة السينمائية التي نفذها المصور السينمائي الإيطالي فيتورو ستورارو، أحد أهم المصورين السينمائيين في الوقت الحاضر. ستورارو الدارس للتصوير السينمائي في المدرسة الوطنية الإيطالية للسينما، وأحد أكثر المصورين السينمائيين حصولاً على الأوسكار استعمل الضوء والظل واللون بطريقة مكثفة لتعزيز درامية الفيلم وإبراز الحالة النفسية للأبطال، وبالتالي يعيش المُشاهد تلك التجربة المرعبة. فمنذ المشاهد الأولى للفيلم واللون يحضر كعامل دلالي مهم، ليصبح اللون والضوء والظل في أغلب المشاهد ذات دلالات لا تقل تأثيراً عن الحوار أو الأداء التمثيلي أو حركة الكاميرا، فاللون البرتقالي المصاحب لدخان وحرائق قنابل النابالم يصبح علامة الشؤم ونذير موت حين يتكرر بين مشهد وآخر.
وفي أجمل مشاهد الفيلم وأقواها من الناحية البصرية والحوار والأداء، تعلن حقيقة الحرب حين يلتقي ويلارد بـ كورتز. تبدأ الكاميرا في الاقتراب من مقر العقيد كورتز ويرمى بالنقيب ويلارد مقيداً أمامه حين تم القبض عليه حال وصوله إلى المعبد. المصور السينمائي ستورارو كان يدرك كيف يصور مشهد كهذا ليلخص روح الفيلم، حالة الجنون التي أصابت الجيش وحالة اللاوعي والجهل بأهداف الحرب وأسباب الوجود الأميركي في فيتنام.
في بداية المشهد يكون كورتز في الظل لا يُرى منه أي شيء إلا صوت منهك وباهت ومخيف يستجوب ويلارد الذي تبزغ عيناه ويبدو مرعوباً محاولاً رؤية وجه كورتز، الذي يدرك أن النقيب الشاب ويلاردا رسل أتى لتصفيته بأمر من القيادة، ولكنه مع ذلك لا يقتله لأنه ربما كان سبيله للخلاص من الحرب. وعن تقنية مشهد كهذا يعلق المصور السينمائي ستورارو بأن الضوء يعني المعرفة والوعي بينما الظل يعني اللاوعي والشك. ويظل كورتز في ثلاثة أرباع المشهد في الظل إلا من خيط من الضوء الأصفر الذي يأتي كضوء كنائسي موجه على كورتز، في تشابه كبير جداً مع لوحات الرسام الإيطالي كارفاجيو الذي لا ينكر ستورارو تأثره به. ولعدة دقائق تبقى الكاميرا ثابتة في زاوية منخفضة تعزز من ضخامة العقيد كورتز ومكانته كقائد وكـ “إله” في المعبد، يتحرك كورتز ببطء ليقع الضوء في أحيان على يده أو على رأسه أو على جزء بسيط من الوجه وفي أحيان تقترب الكاميرا لتصور عدة لقطات مقربة تبين الحالة النفسية لكورتز، ثم يعود ويختفي في الظلام حتى يصل إلى حالة نصف وعي ونصف معرفة، يظهر وجهه في صورة مرعبة وبصوت مرعب قائلاً لويلارد، “أنت لست إلا صبي عامل البقالة، أرسلك لتجمع النقود”. وهنا ينتهي المشهد بحالة من الإدراك والوعي والمعرفة تلخص مهمة الجندي/الجيش الأميركي. إنه لا يزيد عن كونه ذلك الصبي الذي لا علاقة له بالصفقة ولا مهمة له إلا تنفيذ أمر سيده السياسي في واشنطن.
ويختتم الفيلم بمشهد اغتيال العقيد فيما يشبه الطقوس الدينية ليسقط أرضاً مردداً كلمة “الرعب..الرعب” في إشارة إلى الرعب الذي عاشه أفراد الجيش الأميركي خلال الحرب الأميركية على فيتنام.

الصورة المرفقة: مشهد من الفيلم.

المصدر: جريدة الوطن.

*لعنوان الفيلم أكثر من ترجمة وأكثر من معنى.


‎العرّاب وأرملة مكة

images-1

كنت قد كتبت مقالة حول التشابه بين الصورتين وقراءة فنية ثقافية للاعلان، الا انني فضلت ان اطرح الكثير من الاسئلة بدون تعليقات او تحليلات.
الصور هنا، الاولى لبوستر فيلم العراب الجزء الاول والصورة الثانية نشرت في اعلان لجمعية البر بمكة المكرمة تدعو لـ كفالة الارامل في مكة.
الاسئلة عن التشابه بين طقوس الصورتين. هل قلد مصور المراة صورة مارلون براندو؟ اسئلة عن اسلوب الجمعية في استعمال صورة نسائية وما سيحدثه هكذ اعلان في معايير الاعلانات التي تنفذها المؤسسات والجمعيات ذات النشاط الديني في المملكة! اسئلة عن مدة اقناع هذه الصورة لـ المجتمع ومدى قبولها ومدى تحقيقها لاهداف الجمعية. اسئلة عن المراة صاحبة الصورة هل هي ارملة حقيقة؟ ماذا عن الكرامة؟ هل هي عارضة (model)؟ هل بدأت الجمعيات الخيرية في توظيف عارضات لتنفيذ اعلانتها؟ ما مدى جدارة اسلوب المصور السينمائي لفيلم العراب، قوردون ويليس، الذي خلق صورة ايقونية للرعب والغموض في صورة براندو بأن تخلق صورة المراة هنا والتي نفذت بنفس الاسلوب، امرا معاكسا، حالة من التعاطف والاقناع؟ الدراما في الصورتين، من الاضاءة واللون وحركة الرأس والنظرة المباشرة للكاميرا والاخرى البعيدة عن الكاميرا..كيف وظفت في الصورتين!

معرفة المتلقي  بـ صورة العراب هل أثرت على الية تقبله وادراكه  لهذه الصورة/الاعلان؟ كيف ينظر الافراد المتدينون في مجتمعنا، والذين يرفضون فكرة “كشف المراة لوجهها”، هكذا صورة؟ هل هكذا اعلان صالح في منطقة من مناطق المملكة وغير صالح وغير ممكن في منطقة اخرى من منظور ديني واجتماعي؟

هل الصورة التي تظهر في الاعلان غير جديرة بمقارنتها بصورة العراب؟

أعلان الجمعية بنسخة اكبر لمن يرغب بمعرفة الية التبرع او الكفالة.