التصوير الصحافي المحلي يعاني من إشكالات أخلاقية ومهنية!

  • C journalism
    السبت, 04 يونيو 2011
    الرياض – عبدالله وافيه

    أكّد المصور السعودي مصلح جميل أن التصوير الصحافي المحلي يعاني من إشكالات أخلاقية مهنية بالجملة، مرجعاً أسباب ذلك إلى ضعف تدريب وتأهيل المصورين والوضع الوظيفي للمصور ضمن طاقم المؤسسة الصحافية. وانتقد في محاضرة نفذها نادي فوتوغرافيي الشرق الأوسط بالتعاون مع النادي الأدبي بالرياض مساء الأربعاء الماضي في مقر النادي، وجمعت عدداً كبيراً من المتخصصين في التصوير، ما يسمى بصحافة المواطن، معتبراً أن المواطن لا يمكن أن يكون حيادياً حتى ينقل للناس الحقيقة كما هي.

    وأضاف إن الاحتفالية بصحافة المواطن من العامة في العالم العربي تأتي بسبب فشل الصحافة و(الميديا) بشكل عام في أن تمثّل كل وجهات النظر أو تنقل الحقيقة.

    في بداية المحاضرة، أشاد جميل العائد تواً من الولايات المتحدة الأميركية بعد حصوله على بكالوريوس فنون فوتوغرافية، بالشراكة الثقافية بين أدبي الرياض ونادي فوتوغرافيي الشرق الأوسط باعتبارها أول شراكة فاعلة بين نادي أدبي وجهة معنية بالتصوير، قبل أن يتحدث عن بدايات التصوير والتصوير الصحافي، معتبراً أن الصورة منذ بدايتها ارتبطت بالواقعية والحقيقة، إلا أن صدقية المصور قد تتعرض للشك نتيجة للطريقة التي يعمل بها أو الجهة التي يمثلها. وأكد أن تعديل الصورة الصحافية من المحرمات.

    واستشهد بقصص لمصورين صحافيين تعرضوا للطرد والتشهير بسبب قيامهم بالتعديل، مضيفاً أن مسرحة الصورة لا تقل حرمة عن التعديل، وموضحاً أن البيت الأبيض الأميركي أوقف ممارسة مسرحة صور الرئيس التي كانت مفروضة على صحافي الوكالات والصحف.

    من القضايا المهمة التي تمت إثارتها في المحاضرة ما يتصل بسؤال الأخلاق، إذ قال جميل إن التقاط صورة صالحة أخلاقياً يجب أن يكون سؤالاً حاضراً في ذهن كل مصور، لأن الصورة الصحافية هي العين التي يرى بها العامة الحقيقية.

    المصدر: عبدالله وافيه، الحياة

    الصورة المرافقة: شريحة من العرض البصري المرافق للمحاضرة.

الحدود الرمادية للملكية الفكرية

qafilahنشرت مجلة القافلة. العدد ١، المجلد ٦٠. يناير-فبراير  ٢٠١١ مقالا عن الحقوق الفكرية كتبته بالتعاون مع الصديق أشرف احسان فقيه. يمكن الوصول الى المقال عبر موقع مجلة القافلة على الانترنت او عن طريق تحميل ملف بي دي اف.

Powerfull, Multipurpose

Donec congue elit elit. Aenean justo magna, vestibulum non posuere id, viverra eu nunc. Nam non purus enim. Proin feugiat, risus nec iaculis egestas, lacus eros posuere erat, sed semper eros quam sed urna. Duis nisl sapien, vehicula sollicitudin pellentesque quis, venenatis a arcu. Nulla condimentum dui auctor nibh venenatis non tincidunt sapien eleifend. Mauris eget urna quis dui ornare aliquam. Ut porta est at nibh lacinia ullamcorper.
Continue reading

أعمالي في متحف أوكلاهوما

 musleh jameel @ oklahoma science museum 

يعرض متحف ولاية أوكلاهوما للعلوم مجموعة من اعمالي الفوتوغرافيةبقاياالتي تتناول الغرب الامريكي (الصنف السينمائي) والغرب الامريكي (المكان). كمشاهد لافلام الغرب الامريكي، استهلكت مثل الكثيرين الصورة النمطية التي قدمتها هوليوود عن الغرب الامريكي:المكان. رعاة ابقار، خيول، قطارات ،الخارجون على القانون، الهنود الحمر والجواميس..وغيرها من العناصر التي تحضر في طبيعة تتفاوت بين الخلابة والصحراوية القاسية ولكنها في كل الحالات مسرحا مليئا بالحركة والاثارة. وخلال اكثر من ثلاث سنوات من الاقامة والسفر في الغرب الامريكي، تلاشت تلك الصور الهوليوودية عن الغرب المكان، فحاولت في مجموعة بقايا أن أستعمل ذات المكان والعناصر ولكن بصور ثابتة محاولا اعادة تصوير الغرب من منظوري الشخصي للمكان وعناصره كما احسست بها. مجموعة بقايا لا تتناولايديولجي افلام الغرب ولا تحاول تقويض جمالية الصور السينمائية… إذ تظل هذه المجموعة بالنسبة لي كحالة توثيق لعناصر الغرب الامريكي المكان من جهة، ومن جهة أخرى كردة فعل على نمطية  صورته الهوليوودية في أفلام الغرب.

تمت طباعة صور هذه المجموعة بطريقة السيانوتايب على اوراق الوان مائية. واختياري لهذه الطريقة التاريخية يأتي لاستغلال صفات هذا النوع من الطباعة الذي ينتج هذه الصبغة اللونية الباردة التي تضفي على موضوع الصورة الساكن مزيدا من السكون أقرب الى التجمد. بالاضافة الى ان هذا النوع من الطباعة يحتم معالجة يدوية خاصة لكل طبعة مما يعطي كل طبعة فرادتها التي لا يمكن ان تتكرر في أي طبعة اخرى.

بعض الصور من المجموعة

 musleh jameel @ oklahoma science museum  musleh jameel @ oklahoma science museum, cowboys

حلم من زمن الكساد

حين يبدأ شعر الرأس بالتساقط ويصبح الصلع مصيرا محتوما تصبح قضية اختيار صالون حلاقة من أسهل المهام الحياتية بل وأتفهها. ولان الوضع كذلك معي، فأنني أعطيت نفسي فرصة التعرف على اقرب صالون حلاقة أجده حين اشعر بحاجة إلى حلاقة مستعجلة أو حين لا أجد وقتا لحلاقة شعر رأسي في المنزل!! وبذلك، تعرفت على صالون العجوز ( أرل جوردن ) في صيف 2009م. ولان الحلاقين يحبون الحديث ولديهم حكايات كثيرة، أجابني أرل حين سألته منذ متى وهو يعمل حلاقا، بأن الأقدم من ذلك حلمه بأن يصبح حلاقا.

في الثلاثينات، عز سنوات الكساد العظيم في أمريكا، ولد أرل في جنوب ولاية أوكلاهوما، التي تعتبر من الولايات التي تأثرت بالكساد وبما يسمى بقصعة الغبار والجفاف التي أجبرت الاوكلاهوميين على الرحيل من مزارعهم. في تلك الفترة كان يذهب أرل مع إخوته إلى المدينة الصغيرة القريبة من مزرعتهم ويرى صالونات الحلاقة النظيفة والناس تجلس وتتحدث، بدأ حلمه وهو في السادسة. وذات يوم بعد العودة من المدينة مبهورا بجمال صالونات الحلاقة، تأمل أرل الصغير غبار المزارع وبؤس أهلها فقال لوالديه “عندما أكبر لن أكون مزارعا فقيرا بين الأتربة..سأكون حلاقا”.

استمتعت بأحاديث العجوز أرل من بعد تلك القصة، زرت الصالون أكثر من مرة. وفي ربيع 2010م كنت أريد أن أنجز تقرير صحفي مصور وعرضت علي ارل أن يكون عن حياته وعمله اليومي، فرحب بي، وجلست لتسجيل الحوار واستمتعت أكثر بقصص كثيرة عن طفولته وتعرفه على زوجته وتنقل صالونه من أكثر من مكان وعن تأثير الوضع الاقتصادي على عمله بشكل خاص وعلى هذا النوع من الصالونات. كان دائما متفائلا مبتسما. يجسد بتفاؤله وثقته وسعادته ما كتب على لوحة معلقة في صالونه، “لماذا تقلق ..الله لا يزال على العرش”.

لقد تأثرت شخصيا بتجربته الحياتية وقصصه الكثيرة التي لم استطع إدراجها في هذا العرض. كيف حقق حلمه ويعيشه كل يوم حتى وهو يقترب من الثمانين من عمره. هذه التجربة الإنسانية الفردية، حتى ولو كانت متوارية في صالون متواضع في شارع متواضع في مدينة أوكلاهوما، إلا إنها كانت ممتعة بالنسبة لي وملهمة…ويكفي منها قوله بعد ستين سنة من عمله حلاقا، “أتمنى من كل شخص أن يعمل ما يحب.. وان يستمتع”.

العرض المصور: تصوير وتحرير: مصلح جميل

صورة شخصية لـ أمريكا

President Barack Obama by Doug Mills, The New York Times

رغم أني استمتع أكثر بتصفح النسخة الورقية من اليو أس أي تودي لما تحتويه من صور ورسومات توضيحية، إلا أن للصورة الوحيدة، غالبا، التي تنشر على صفحة الأولى لـ النيويورك تايمز متعة مضاعفة. فهي، الصورة الرئيسية أو الوحيدة، تختار بعناية لتجسد الخبر الأكثر أهمية من الناحية التحريرية. لذا عندما أشاهد الصورة الرئيسية اشعر كقارئ بأنني تلقيت، بصريا، الخبر الأكثر أهمية. وحين تكون تلك الصورة بليغة، تصبح قراءة الخبر عملية أسهل أو في حالات غير مهمة.  صورة الرئيس الأمريكي باراك اوباما التي التقطها مصور النيويورك تايمز داوق ميلس اقتنصت أكثر من الحالة الشخصية لأوباما، و نقلت أكثر من خبر.

من متابعتي للانتخابات الأمريكية الرئاسية في العام 2008م وحتى النصفية الأخيرة، لاحظت مزاجية المواطن الأمريكي “سياسيا”. انتخاب مرشح من اصل افروأمريكي للرئاسة لا يمكن اعتباره قائم بشكل مطلق على الأجندة السياسية للمرشح. بل يتعدى ذلك إلى حالة مزاجية أمريكية بالرغبة بالتغيير. ربما شعور بالإحباط من الأوضاع داخليا وخارجيا. ربما كان يبحث كثير من الناخبين عن حالة مزاجية متفائلة. عن أمل يلتقطهم من سوداوية الواقع السياسي والاقتصادي في تلك المرحلة.

بعد سنتين من الحالة النفسية الباحثة عن والمنتظرة للتغيير، يبدو أن الوضع يقترب من العودة “نفسيا” إلى ما كان عليه.  في سبتمبر الماضي قالت سيدة أمريكية بيأس وإحباط للرئيس اوباما إنها “منهكة من الدفاع عن اوباما وعن إدارته”!

هذه الصورة التقطت أثناء مؤتمر صحفي في اليوم التالي لنتائج الانتخابات النصفية الأمريكية التي خسر فيها الديمقراطيين عدة مقاعد في مجلس النواب لتصبح السيطرة فيه للجمهوريين بالإضافة إلى فوزهم، الجمهوريين، بعدة مقاعد في مجلس الشيوخ، وفيها –أي الصورة- تظهر ملامح اوباما، لتنقل لنا حالته المزاجية النابعة من الإحباط والاستياء. ولكنها، هذه الملامح/هذه الصورة تعبر عن حالة أشمل.  أمام الصورة التي التقطها ميلس بعدسة 600 ملم نجد أنفسنا أمام اوباما وفي وضع يسمح لنا بتأمل مدى إحباطه وعزلته. نرى تلاشي حالة الأمل. وتظهر حالة من الشعور بالخذلان والتعب.

ميلس، الذي يعمل منذ سنوات مصورا للنيويرك تايمز في البيت الأبيض، ذكر ذات حوار صحفي أن عملية اختيار صورة الصفحة الأولى في النيويورك تايمز عملية صعبة تتم عن طريق هيئة التحرير ولا يمكن للمصورين أن يقرروا أي صورة ستظهر صباح اليوم التالي على الصفحة الأولى. اختيار هيئة التحرير لهذه الصورة هو قرار نشر صورة شخصية  لـ أمريكا. صورة الأحباط وتلاشي الأمل أو كما عبرت السيدة الأمريكية، عن حالها “أنا منهكة”.

مصدر الصورة:the new york times

التصوير المغاير..العودة مائة سنة إلى الوراء

مجموعة صور فوتوغرافية

مصدر المقالة: صحيفة اليوم

نشرت صحيفة «الوطن» (1) (2) عبر مراسلها الزميل يوسف الحربي أكثر من لقاء مع الفنان علي الدوسري حول معرضه وتجربته الفوتوغرافية «التصوير المغاير».

وتحدث الدوسري عن تجربته التي وصفها بالجديدة في عالم التصوير الضوئي بخلقها آفاقا جديدة للمصورين كما ذكر. مؤخرا قال: إنه في جولة عالمية للتعريف بهذا الفن الجديد.

ورغم تقديري لجدية الفنان الدوسري في تسويق تجربته على مستوى المعارض أو الصحافة، إلا أن تصريحاته حول هذا النوع من التصوير بها كثير من التناقض والمغالطات التاريخية والفنية مما يتطلب أن تقرأ هذه التجربة وتصريحات الفنان الدوسري بجدية وبموضوعية، ليس من أجل تعطيلها أو تهميشها بقدر ما يكون تصحيحا لمسارها وتنويرا لوعي ممارسيها وتصحيحا لما رافقها من مغالطات.

ذكر الفنان الدوسري أنه «أول من استخدم تجربة «التصوير المغاير» والتي يصفها بأنها «تحريك آلة التصوير أمام الأشكال المراد تصويرها، أثناء فتح الغالق لرسم العمل المراد تنفيذه». ولم يذكر الفنان الدوسري الأولية على أي مستوى، هل هو عالمي أم محلي؟ ففي كلتا الحالتين لا يمكن له أو لغيره الجزم بالأولوية محليا أو عالميا. فتاريخ صنع الكاميرا بحد ذاتها، ومن هو أول من صنعها، لا يزال أمرا غير محسوم منذ قرنين من الزمن. ومحليا لا يمكن لأي فنان أن يجزم بشكل قاطع أنه أول من استعمل تقنية ضوئية معينة، لأنه لا يوجد لدينا توثيق لبدايات التصوير محليا سواء على مستوى رسمي أو توثيق على مستوى كثير من ممارسي هذا الفن خاصة في البدايات.

 حين ندرس الفكرة من الآلية التي يستعملها الفنان الدوسري فإننا نجد أنها سبق واستعملت منذ أكثر من مائة سنة. Continue reading

زيارة مقبرة شروق القمر

Musleh Jameel visits Moonrise's cemetery

يقول الناقد الأمريكي تيري باريت، أن أفضل وسيلة لتقدير صورة “مشاهدتها والتفكير بها والحديث عنها”. ولكنني أخذت نصيحة باريت بحماس أكثر بخصوص صورة شروق القمر لـ انسل آدمز. شروق القمر احد أهم وأجمل صور انسل آدمز. هو شخصيا ذكر ذلك في كتابة (الأمثلة.. صناعة أربعين صورة فوتوغرافية) حين قال، “أنها أكثر صوره جماهيرية”.

أتذكر أول حديث عن تلك الصورة كان مع الصديق الفنان الدكتور طارق الجهني، رحمه الله، حين نشرت مجلة بلاك اند وايت الأمريكية خبرا عن بيعها بمبلغ قياسي قبل بضعة أعوام.. ربما في أواخر 2002م إن لم تخني الذاكرة.

قصة التقاط انسل آدمز لهذه الصورة قصة تاريخية، أطول من الحديث عنها هنا. ويكفي اختصارها بأنها التقطت لشروق القمر فوق مقبرة في قرية صغيرة في شمال ولاية نيومكسيكو تدعى هرنانديز. والتقطت بكاميرا القطع الكبير (10×8)انش والتقط خلال ثوان قبل غروب الشمس وبدون أن يكون لدى انسل آدمز مقياس للضوء حيث قدر بخبرته بناءا على معرفته بإضاءة القمر تعريض الصورة. إنها كما يقول عنها  “لحظة عاطفية/رومانسية من الزمن”. ولسنوات طوال لم يتذكر انسل آدمز تاريخ التقاط الصورة. ولكن مع شهرة الصورة المتنامية تمكن عالمان فلكيان في فترات مختلفة من زيارة المكان ودراسته لتحديد متى التقطت وكانت أكثر دراسة صوابا ترشح إنها التقطت في الأول من نوفمبر 1941م في الساعة الرابعة وتسعة وأربعين دقيقة.

وفي العام 2003م كتب الفوتوغرافي السعودي الذي يلقب نفسه بـ “ابن الهيثم” قراءة نقدية للصورة في منتدى جسد الثقافة. أضافت تلك القراءة العبقرية والفريدة بعدا جماليا للصورة بالنسبة لي. لقد أعطتني تلك القراءة حالة تقدير/وفهم إضافية للوحة. ولكن بدون خبرة ودراسة التصوير والتحميض بالأبيض والأسود ومشاهدة الصورة الأصلية لن تكتمل حالة التقدير لتلك الصورة والمتعة من مشاهدتها.

في فبراير العام 2008م زرت نيومكسيكو وتحديدا مدينة سانتا فاي التي تبعد عنها هرنانديز ما يقارب النصف ساعة. كنت حينها في طريقي غربا إلى كاليفورنيا. لم يسعفني الوقت للخروج من سانتا فاي شمالا. ولم أكن انوي زيارة هرنانديز لان فكرة زيارة مقبرة في تلك الفترة لم تكن قد أتت. أيضا أدركت أن سانتا فاي تحتاج أياما للاستمتاع بزيارة متاحفها ومعارضها. لذا امضيت يومان في سانتا فاي الجميلة وقررت وأنا أغادرها أن أعود يوما لزيارتها.

في أواخر العام 2008م  أقيم معرض لأعمال انسل آدمز في مدينة تلسا، ولاية أوكلاهوما، التي تبعد ساعة ونصف عن مقر إقامتي في مدينة أوكلاهوما، وقررت أنا واحد الأصدقاء زيارة المعرض واستمتعت لأول مرة برؤية نسخة أصلية لشروق القمر طبعها انسل ادمز بنفسه. ولمن يدرك الفرق بين الصورة الأصلية المطبوعة يدويا والصورة المطبوعة او المنسوخة رقميا او المعروضة على شاشة كمبيوتر يدرك الفرق الفيزيائي والعاطفي لما أتحدث عنه.

في ربيع العام 2009 م درست التصوير والطباعة بالأبيض والأسود، وتحدث مع أصدقاء عن الصورة. وتأملت الصورة أكثر وفكرت بالصورة ودرست الصورة وقرأت عنها في كتاب آدمز وبعض المقالات المتعلقة بها. وحينها قررت أن ازور هرنانديز في زيارتي القادمة إلى سانتا فاي، نيومكسيكو وابحث عن تلك المقبرة التي تظهر في الصورة.

Musleh Jameel visits Moonrise's cemetery 2

قبل الرحلة، بحثت على الانترنت بشكل مكثف فلم أجد أي معلومات مفيدة عن مكان المقبرة، إلا خريطة بسيطة مرفقة مع مقال عن الصورة توضح مكان قرية هرنانديز وليس المقبرة تحديدا. وجدت في بعض المنتديات الالكترونية الأمريكية أسئلة حول مكان المقبرة ولكن لم يكن هناك إي معلومة واضحة إلا من احد المصورين المحترفين في سانتا فاي الذي وضع زيارة المقبرة في برنامجه التدريبي لمصوري الكميرات القطع الكبيرة (لارج فورمات).

في 17/3/2009م وصلت سانتا فاي قادما من مدينة دنفر كولورادو لزيارة المقبرة. في ظهيرة اليوم التالي 18 مارس 2009م انطلقت من سانتا في باتجاه هرنانديز..إي بعد ما يقارب السبعين سنة من لحظة التقاط انسل آدمز لتلك الصورة. هرنانديز قرية فقيرة جدا تقع على الطريق السريع رقم 84. مع ذلك فقد تغير المكان كثيرا عما كان عليه حين التقط انسل آدمز تلك اللحظة العاطفية والتاريخية. وقد ذكر ذلك انسل آدمز نفسه حين زار المكان لأخر مرة عام 1980م أي بعد أربعين سنة. يقول انسل آدمز حين رأى ما حدث من تغيير للقرية والبيوت وحتى للمقبرة نفسها، “لم أكن لأتوقف هنا لالتقاط صورة لهذه الفوضى. لا يوجد شيء يمكن ان أتصوره/أتخيله هنا”. مع ذلك لقد شعر أهل هرنانديز بالفخر لان صورة شروق القمر العظيمة ملتقطة في منطقتهم، ومما ذكرته كاتبة سيرة حياة انسل آدمز  ماري ستريت اليندير، “ان انسل ادمز طبع نسخة من صورة شروق القمر وأرسلها إلى المدرسة الابتدائية في هرنانديز وكتب الإهداء (إلى ناس هرنانديز).

قبل وصولي إلى هرنانديز لم أكن أتوقع ان أجد المكان بسهولة. حيث تغير الطريق القديم الذي كان مسافرا عليه انسل آدمز بطريق سريع حديث مجاور له. وكما عرفت من حديث كاتبة سيرته ان المكان تغير كثيرا. عند وصولي الى هرنانديز واجهتني بيوتها المتناثرة حول الطريق السريع. ووجدت لوحة تشير إلى مدرسة هرناندير الابتدائية التي افترض ان لوحة انسل ادمز التي اهدها لها لا تزال هناك. كانت المدرسة مغلقة و لم أجد إلا رجل مسن يعمل في ساحة بيته الخلفية و يبدو أنه من سكان المنطقة الأصليين او من اصل مكسيكي ممن استقروا في المنطقة منذ عدة قرون. سالت الرجل عن المقبرة. لم يستوعب السؤال او لم يستوعب لماذا اسأل عن مقبرة، وحين ذكرت اسم انسل آدمز وسبب بحثي عن المقبرة زادت حيرته أكثر.  تركت الرجل واتجهت إلى الجانب الأخر من الطريق وبالصدفة التقيت بفتاة كالفورنية تتمشى مع كلبها في ساحة بيتها، كانت للتو أتت إلى هرنانديز للعمل ولكنها لا تعرف شيء عن المكان ولكنها عرفت المصور وعرفت الصورة وتحمست للمساعدة واتصلت على شخص لسؤاله ولكننا انتهينا بدون تحديد المكان صحيح.

حاولت استغلال كل المعلومات التي ذكرها انسل آدمز عن هذه الصورة في كتابه حيث قال انه كان متجها جنوبا من نهر تشام بالقرب من “سبانيولا” باتجاه سانتا فاي. يقول انسل آدمز أيضا انه حين لمح هذا المشهد على جهة اليسرى –بينما هو متجه جنوبا- أي انه كان مسافرا على الطريق الذي تقع عليه اللوحة الواضحة هنا. فقررت البحث في الجهة اليسرى للطريق الواقعة على يمين القادم من سانتا فاي.

تجولت في المنطقة، التي تعتبر أجزاء منها محميات للهنود الحمر حيث الفقر والشوارع غير المسفلتة ووجدت أكثر من مقبرة. كانت هذه المقبرة هي الأكثر إمكانية أن تكون تلك المقبر الظاهرة في صورة انسل ادمز لوجود الكنيسة الطينية والصلبان على المقابر.

حينها خرجت من السيارة للتجول في المكان. مرت بجانبي سيدة من أهل هرنانديز. لم أفكر بسؤالها عن المقبرة أو عن انسل آدمز. شعرت أنها مهمومة أكثر بالحياة من تحديد مكان المقبرة. ولكني كنت أدرك أنها ستشعر بالفخر حين اخبرها أنني أتيت لزيارة المكان بسبب صورة جعلت هذه القرية أيقونة، جعلت أهلها معروفون أكثر من غيرهم من قرى الغرب الأمريكي.

تأملت المقبرة والكنيسة الطينية. كنت أتخيل انسل آدمز في الجهة المقابلة يلتقط الصورة. لأنني في هذه الحالة سأكون مواجها لغروب الشمس بينما الجبال الظاهرة في صورة انسل آدمز ستكون خلفي مباشرة.

مع كل هذه المحاولة لا يمكن أن اجزم أن هذه المقبرة هي التي ظهرت في صورة انسل آدمز.. ربما هي مقبرة أخرى قريبة ولكن حتما كنت في ذات المنطقة، التي أصبحت فوضى كما قال انسل آدمز بنفسه.

قصة إضافية ليس لها علاقة بالصورة مباشرة ولكنها قد تشرح تلك الحالة التي عشتها حين زيارة المقبرة..زميل دراسة افروامريكي اعتذر عن حضور محاضرة لمادة الكتابة الإعلامية في الجامعة حتى يستطيع السفر من أوكلاهوما إلى واشنطن دي سي لحضور حفل تنصيب الرئيس الأمريكي باراك اوباما مطلع العام 2009. وحين عاد الأسبوع التالي، طلب منه المدرس أن يشرح لنا قصة رحلته وحضوره حفل التنصيب. كان يتكلم بعاطفة جياشة. قال، “لم أتمكن من مشاهدة الرئيس نظرا للزحام ولكنني كنت سعيدا لأنني كنت في المنطقة ذاتها.. ببساطة.. إنها لحظة ممتعة أن أكون في تلك المنطقة”.

هل تستحق تلك المقبرة أن أسافر للبحث عنها وأتأمل المكان واستعيد تلك اللحظة التاريخية واكتب عنها وأشارك الآخرين؟ لا ادري! انها مجرد رحلة تاريخية لي لتقدير صورة تاريخية وتقدير مصور عظيم.